لا شك أن تربية الأبناء في ظل عصرنا وحياتنا التي اختلطت فيها المفاهيم أمر صعب جداَ ولا شك أن الكثير من الآباء والأمهات يجهلون أهم أساسيات تربية الأطفال لأنه لم يكن محط اهتمامهم إلا بعد أن رزقهم الله بالولد فبدأ الإضطرابات والتخبط وكثرة الأسئلة
والمشكلة أن المجيب قد يكون أجهل منهم ويعطيهم نصائح وتعليمات لا تسمن ولا تغني من جوع
لذلك أردت في هذا الموضوع أن نتبادل المعلومات حول تربية الأطفال وما يغفل عنه الوالدان وما يمارسانه بطريقة خاطئة
لن يكون موضوعنا مرتبطاً بسن محدد بل هو يشمل مرحلة الطفوله كلها ولن يشمل موضوع محدد أو قضية بذاتها بل سننتقل من نقطة لأخرى لنفتح المجال للجميع ليدلوا بدلوهم في هذا الموضوع
وأيضاً الباب مفتوح لمن يواجهون مشكلة مع أطفالهم أو يجهلون أمر ما فلهم أن يسألوا ويجيبهم من لديه علم بالإجابة بإذن الله
ولنضع في حسباتنا أن هذا العمل من التعاون على البر والتقوى كما وصانا الله عز وجل
في انتظار مشاركاتكم القيمة
أتمنى أن أنــــــــال إستحسانكم فيما أطرح لكم
هيبة ملك
عدد المساهمات : 44 نقاط : 84 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 العمر : 58 المزاج : متقلب
موضوع: رد: دعوة مفتوحة لمن يريدون تربية أبنائهم بطريقة سليمة الإثنين يناير 24, 2011 6:50 pm
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبة
تربية الأبناء تربية صحيحة وتوجيههم منذ الصغر تعتبر قضية مهمة ملحة وواجب كبير وخاصة في هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها الأمة في ظل الهجوم الشرس على ثوابت الأمة وحول تربية الابناء واهميته في هذا الزمان اجري هذا الحوار مع فضيلة الشيخ المربي احمد بن حسن حفظه الله
السؤال الاول:
س- لماذا التركيز على تربية الأبناء وتخصيص هذه المرحلة بالذات في هذا الحوار؟
الإجابة :
إن الله ميز الإنسان من بين سائر مخلوقاته في تركيبه ومسؤلياته وقد جعل الخلافة في الأرض إليه وجعله قادراً على القيام بها كما أراد الله ، ولم يكله إلى قدراته الخاصة بل إنه جعل مسؤوليتة موقوفة على التربية بالرسالات والكتب السماوية قال تعالى ((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ))
قال تعالى (( رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ))
وهذا يرينا أن الله جعل التربية أساس المسؤولية في أعظم أمور الإنسان وهو الخلافة على ظهر هذه الأرض ، وبدونها يتيه ويتخبط ، ويرينا أن الإنسان لضعفه وقصوره بحاجة إلى تربية وتدريب وضبط وتذكير بل ربما قد يحتاج إلى الزجر والتأديب ، ولكون مدد الأمة وقوتها في ناشئتها لابد من أعداد هذه الناشئة وتربيتها على المثل العليا وحياطتها من موارد الهلكة والضياع ، وتزداد الحاجة إلى ذلك لما نجده اليوم من هجوم شرس من أعداء الرسل والرسالات على الأجيال ليجتالوهم في تيارات المادة والشهوة ويستعبدوهم باسم الحرية والتقدم بعيدين عن تربية الخالق وهو أعلم بما يصلح لهذا المخلوق المستخلف في الأرض ولذا تتضح الحاجة الماسة إلى العناية بتربية الأولاد ذكوراً وإناثا على نور من الله تعالى من كتابه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ومنعهم من موارد الهلكة ، وصد العوادي عنهم.
السؤال الثاني :
س-2 ما تشخيصك لواقع تربية الأبناء في هذا العصر ؟
الإيجابة :
تربية الأبناء اليوم بحاجة إلى إعادة نظر وتنقيتها من شوائب التبعية وغبش الرؤية ، وذلك بالربط التام بمنهج الإسلام والعلم اليقيني بأن ما جاء به هو الحق وهو أساس النجاح في الدنيا والأخرة وأنه المعين التربوي الذي لا ينظب والحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهذا لا يستقيم إلا على يد مربين خلص أقوياء في الحق أهل نظر صحيح لم يخدعهم بريق الباطل والهالات الخداعة المنصوبة حوله، وهذا في جميع مستويات المربين من علماء وحكام وقادة ومخططين ومنفذين وآباء وأمهات وفي القطاعات الحكومية القطاعات الخاصة وهذا يضمن تكامل الأمة وتعاونها وائتلافها ورفعتها وسيادتها وغياب الآفات عنها
السؤال الثالث:
س3 جهل كثير من الآباء بأهمية التربية وصعوبتها في عصرنا الحاضر سبب كبير من أسباب الضعف التربوي فهل توافق على ذلك وما تعليقك؟
الإجابة :
لا شك أن قصور فهم بعض الآباء عن دورهم التربوي يؤدي بأولادهم إلى ضياع أوقاتهم وعدم فهم ما حولهم ، وضعف رؤيتهم لمستقبلهم بوضوح ، ولذا فإن العشوائية في التربية عند بعض الآباء مدعاة لضياع أبنائهم تعليمياً وفكرياً ومهنياً أو بإختصار دنيا وأخره ، فالقدوة الصالحة قد لا تحقق في بعض الآباء أصلاً وقد تكون تربيته لأولاده قاصرة على طعامهم وشرابهم ومسكنهم ، وربما لا يحرص على غرس معالي الأمور في نفوسهم كالصلاة في أوقاتها ومع المسلمين في جماعتهم بالمساجد ، أو تعاهد القرآن بانتظام متقارب ، أو الكف عن أعراض المسلمين وأموالهم ودمائهم ، أو الاهتمام بقضايا المسلمين ومشاركتهم ومواساتهم ، إلى غير ذلك من الأمور التربوية التي ربى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وشرعها لسائر أمته حكاماً ومحكومين ، ولو تكامل هذا الأمر بين الآباء والمعلمين لكان للأمة شأن آخر في نهوض الأجيال المسلمة رحمة لأهليهم وديارهم والعالم أجمع ولا شك أن جهل المربي لدوره التربوي سبب لتساقط أبناء الأمة في مواطن الهلكة .
السؤال الرابع :
س4 هل يعد الأب والأم هما المربيان الوحيدان للأبناء في المرحلة الحالية ؟
الإجابة :
الأب والأم هما أول من يبدأ تشكيل شخصية الولد ذكراً أو أنثى بحنانهما ورعايتهما له وفي هذه يرى صلاتهما وسلامة الفاظهما والاحترام المنزلي المتبادل بينهما ومع بقية أفراد منزلهما من كبار السن والخدم والأجراء والأولاد كذلك ، فيبدأ الناشئ حياة سوية ذات قيم واحترام وتعاطي للحقوق وأداء الواجبات لكن الناشئة م تعد تتلقى من الأبوين وحدهما ، فإن الأجهزة الإعلامية بما فيها من جذب ومستجدات لها دور كبير في المشاركة بل قد تكون السيطرة لها على تربية الأولاد إن لم تجد من يوقف ذلك السيل الجارف عند حدة ، وقد يدخل هذا في بعض لعب الأطفال الإلكترونية ، فالقنوات في المنزل والتلفاز والفيديو والراديو كلها تربي ، ومعلوم أنها ستدمر الجيل إن لم تجد أباً يضبط مايراه ويسمعة الأولاد ، ولا ينكر أحد أن في الفاظ الصغار ، ما جاءت به هذه الوسائل الإعلامية دون تمييز للغث والسمين ، ثم يكون بعد ذلك الذهاب إلى المدرسة ونحن نعلم أن المدرسة ليست المعلم والفصل والسبورة والنظام فقط بل إنها مجتمع تدور به إفرازات تربية المنازل المختلفة ويتلاقى الأطفال بطباع متنازعة بين التدليل والشدة أو الترف والكفاف ، أو الانفلات والضبط ، وكل هذا يستقبله هذا الطفل البرئ ويدخل في بنائه التربوي فكيف إذا كان الأبوان والمعلم لا يقومون بتصفية هذا الخليط ونبذ ما يسوء منه وإقرار كل ما هو بناء ، ومثل المجتمع الدراسي مجتمعات الجوار والقرابة والزيارات وأماكن الترفية ، وهنا تظهر ضخامة المسؤولية على القائمين بهذه المجتمعات ليصونونها عن السموم والآفات المهلكة للجيل المسلم وخاصة أن مادة هذه الوسائل تقوم على منابع تصب فيها وهي واردة من أعداء الأمة الذين لا تهمهم قيمنا ولا ديننا ، بل إن همهم هو تشكيل الجيل المسلم على هيئتهم أو مسخه فيكون جيلاً لاهياً عابثاً لا قيمة له ولا انتماء ولا آثر
قال تعالى (ودو لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ).
السؤال الخامس:
س5 متى نستطيع القول إن الأسرة تقوم بواجبها نحو تربية الأبناء على الوجه الصحيح ?
الإجابة :
إن قيام الأسرة بواجبها نحو تربية الأولاد تربية صحيحة مطلب شرعي وبالتالي يكون مكسباً قومياً ودرعاً حصيناً لأهلة وذويه وقومه ، أما إذا لم تقم بواجبها في صياغة وتحصين الأولاد فإن ضياع مستقبلهم ومستقبل الأسرة والبلاد والعباد ، وتربية الأولاد الالتزام بأوامر الله هو الواجب الأول على الأسرة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) ويقول عليه والصلاة والسلام في تعليم الأولاد على حسن الخلق ( ما نحل والد ولداً خيراً من خلق حسن ) ويقول ربنا في أخذ الأسرة بتقوى الله والبعد بها عن سخطه ((يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد)
وقليل هي الأسر التي تجعل قضية الإسلام هي الهم الأول للأولاد ولهذا يطلع علينا جيل يغلب عليه عدم الاكتراث بالعبادات وتحري الشريعة الإسلامية في أقوالهم وأفعالهم ومتى كانت الأسرة تحتضن هذه الناشئة وتربيها على طاعة الله وتحري الصواب وجميع الفضائل وتبعدها عن التمرد على أوامر الله أو إهمالها وتحبب إليها الحلال وتبغض إليها ما سواه من المحرمات والمكروهات وتعلقها بأن المستقبل هو الدار الآخرة وأن الأبرار في نعيم وأن الفجار في جحيم وأن طريق الفوز بمستقبل الأبرار هو العمل بما يرضي الله في العبادة والعمل في أي مستوى يكون فيه المرء المسلم حاكماً أو محكوماً غنياً أو فقيرا ذكراً أو أنثى وفي كل زمان وفي كل مكان ؛ فمتى كانت الأسرة كذلك قلنا إنها تقوم وبواجبها نحو تربية أولادها ، أما الأسرة التي تقتصر على توفير الطعام والشراب ومطالب بناء الجسد فهذا لايختلف عن التعليف والتسمين فإذا أضيف إلى ذلك أنها تطلق لهم العناية في الرقص والغناء والاختلاط المحرم والكسب المحرم والحرية غير الشرعية فإنه يضاف إلى التعليف والتسمين والإفساد والتدمير للجيل المسلم 0
السؤال السادس:
س6 الحوار يعتبر مفقود عند كثير من الآباء والأمهات مما يؤثر سلباً في بناء شخصية الطفل فكيف يمكن تربية الأبناء على الحوار ؟
الإجابة :
إن الإجابة على فضول الأطفال بوضوح مع التوجيه والتربية خلالها يكون في ذلك فرصة كبيرة لبناء شخصية الطفل ، وفيه فرصة أيضاً للتعبير عن الرأي ، وفي مراحل النمو التالية يستطيع هذا الطفل أن يسأل بكل ثقة أو يصحح خطأ أو يوضح أمراً من الأمور اللازم توضيحها ، وفي ذلك إبعاد للتعصب للرأي لاعتياده على الإيضاح والاستيضاح ، وبمعرفة قيمة أخذ الفكرة أو ردها والمناقشة في كل أمر ، يعتاد على عدم التسرع في أخذا القرار ، ويعتاد أيضاً على الاستفادة من الآخرين بتعويده من صغره على حسن الإنصات وحسن الاستماع والتلقي واحترام أراء الآخرين إن كانت صواباً فإن كانت غير ذلك فهي محل رد ونقاش ويعتاد أيضاً عدم الحكم على الظاهر دون تأكد وتمحيص ، ويعتاد أيضاً على قوة الحجة في قبول أي أمر أو ردة ، فيتدرج بعد ذلك في مراحل نموه وهو محصن وغير ساذج وليس بغر أو سطحي كما يقال ، ثم تطبيقاته على ذلك في لوازمه الخاصة وفي اختيار صحبته وعلاقاته مع الآخرين وفي ما يتعرضه من مشكلات وفي سيره الدراسي وتدرجه في مطالب حياته الدنيوية وحياته الأخروية ، وبرعاية هذه الأمور وتربيته على المنطقية المتعقلة معها ينشأ في جو ثقافة الحوار بعيداً عن الكبت أو اللامبالاه أو التسرع في الأحكام أو الأنانية أو غير ذلك
السؤال السابع:
س7 : ما دور التعليم اليوم في تربية الأبناء ?
الإجابة :
إن في ثنايا الإجابات السابقة ما يتضح منه دور التعليم في تربية الأبناء هذا إذا أخذنا التعليم بمفهومه العام ومصادره المتعددة من تعليم عام ومتخصص وإعلام واتصالات وغير ذلك أما التعليم مجرداً والذي يتناول الأجيال من أول حياتهم في محاضن ورياضة الأطفال ثم مراحل التعليم ، لا شك أن هو البناء الأساس في حياة الأمة فيخرج أفراد المجتمع بعد التعليم إلى مجالات العمل المختلفة كالعسكرية والوزارات والقطاع الخاصة والوظائف والمصارف المالية والإعلام يخرجون إليها من التعليم بقدر مشترك من المفاهيم والقيم والالتزامات لتكون مشتركة بين الجميع كاللغة والحقوق والواجبات ، وبذلك يسهل تعامل الجميع مع بعضهم البعض وفهمهم لحاجة بعضهم مع بعض بعيدين عن تضارب الآراء والمطالب فهم متفقون في طريقة عيشهم وفي مطالب أمنهم واحتياجاتهم الصحيحة وغير ذلك ولذلك ترسم الخطط وتوضح الأهداف الاجتماعية واضحة سهلة وينساب التنفيذ في يسر وسهوله كل ذلك يأتي من الدور الذي قام به التعليم في بناء الأمة ، ولو لا تعليم محمد صلى الله عليه وسلم لصحابته عن ربهم ودينهم ونبيهم ماخرج من هذه الجزيرة ذات الغالبية البدوية خير أمة أخرجت للناس ترعاهم وتبصرهم وتنميهم وتخرجهم من الظلمات إلى النور .
السؤال الثامن :
س8 : ما دور الإعلام في التربية ?
الإجابة :
الإعلام اليوم رافد تعليمي قوي لجميع الطبقات لأن وسائل وصوله سهلة وقوية ومدعومه بالمال وبالموصلين له وبالمستقبلين فهو إما عطاء ثر أو شقا وشر أو يجمع بينهما ، ولو استخدم في بناء الأجيال وربطهم بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وبعلوم الإسلام وتاريخه المشرق لكان البناء قوياً متكاملاً يسعد به الفرد والمجتمع وقد يقوم الاعلام بالتعليم إذا قام عليه علماء ومتخصصون وفنيون وطلاب علم أما إذا غلب على الإعلام أو شابه أهل الأهواء والذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً ، والذين بضاعتهم في المحرمات والملهيات ودنايا الأمور فإنهم يقودون الأمة بتعليم منحرف ويطبعونها على هذه الدنايا فإن الإعلام لم يعد نقلاً للأخبار والمعلومات والتربية الحقه بل أصبح مكتظاً بالغناء والاختلاط واللهو وتمثيل الغرام ومغامرات السطو بل وحتى السحر والشعوذة ، وهو يخاطب كافة الطبقات ، والذين يميزون الغث من السمين في كل طبقة قلة لاختلاف الثقافات وفوارق الخلق والخُلُق وما لا يوجد في نوع من الإعلام يقوم عن النوع الآخر لأنه اليوم بشكل خليطاً من الأرض ومن الجو من موارد كفرية وإباحية ومادية في صحف ودوريات ومواقع الشبكة وقنوات وفيديو وسينما وتصوير وعروض ، ولو سلمت هذه المصادر الإعلامية من الآفات المذكورة فإنها إذا سخرت في التعليم الحق ستفعل في العالم ما يحقق السعادة في الدرين أما أن تلتزم مجلة واحدة أو قناة أو موقع والبقية تصب على الأمه من كل أنواع البلاء على الدين والدنيا فهذا شر تعليم .
السؤال التاسع :
س9 غرس المفاهيم الصحيحة والسلوكيات والأخلاق تحتاج مهارة من الآباء فإذا كانت مفقودة فما الحل؟
إن المفاهيم الصحيحة والسلوكيات المستقيمة والأخلاق الحميدة تحتاج إلى المربي الماهر بالتربية لينقلها إلى النشء ، وأكثر الآباء يود أنه من أهل التربية الصحيحة ولكنه لم يسلك في ذلك الطريق الصحيح فقد يرى نفسه مربياً مصيباً وهو على العكس من ذلك ، فإنه قد يرى أسلوباً معيناً في التوجية فيأخذ به وهو غير مقبول عند النشء فإذا لم يأخذوا به غضب منهم وربما قسا عليهم وفي هذا الأسلوب من التعسف ما فيه فينفرهم عنه شخصياً وعما يريد لهم من خير ،والله تعالى يقول (( ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك ).
وإن هذه التربية على هذه الأمور المذكورة تحتاج إلى قلوب منشرحة وأنفس مستقرة لكي تقبلها وتلتزم بها، ثم إن المربي يجب أن يعرف حاجت وطبائع واهتمامات من يقوم بتربيتهم لكي يتعامل معهم على بصيرة بعيداً عن التصادم والتنفير ، فيأخذوا الحق ويجتنبوا الباطل عن قناعة ورضاء ، ولابد للمربي أن يكون من أشد الناس التزاماً بما يقول من تربية صحيحة فيطبع نفسه على الالتزام الصادق وليحذر من فلتات القول والعمل فهي محسوبة عليه عند أتباعه ويضيع عليه بها جهد كبير ، فعليه أن يصدق في مواعيده وينتظم في عبادة ربه ، ويؤثر على نفسه في أحوال كثيرة ، ويبتعد عن الألفاظ غير اللائقة وعن التعالي والكبرياء خبيئة السوء وغير ذلك ، بل إن من أخطر أمور المربي أن يستدل لأخطائه بالشرع لتبريرها فأنه لا يؤتمن بعد ذلك عند أتباعه وتنزع منه الثقة فلا يصدق عند أولاده فهم يطيعونه بغير قناعة وتصديق قال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ))
وعلى المربي دائماً أن يركز على فضائل الاستقامة والخلق الحميد لكي يأخذها أولاده أو أتباعه بقناعة واهتمام ، أما إذا أخذوها عبارة عن أمور يترتب على مخالفتها العقاب فإنهم في الغالب سيبحثون عن مخارج للخروج منها ويتمردون عليها ويجدون من يصورها لهم أصاراً وأغلالا ضد الحرية والانطلاق فينفرون منها وربما نبذوها وازدروا أهلها وهناك تتكون مجموعات وأفراد تخرج منهم مشكلات وسطو وتعدي على المجتمع بل والأهل والأقارب وقد ينحرف مع هذه المجموعات سذج وأبرياء وكل ذلك يأتي بسبب الممارسات التربوية الخاطئة، وما في الإعلام المنحرف من شرور مع ما في مصادر التربية الأخرى من تقصير أو لامبالاة ، والمطلوب من الآباء التربية على العقيدة الصحيحة والاستقامة على العمل الصالح والأسلوب الحسن ومطابقة القول والعمل
السؤال العاشر:
إهمال كثير من الآباء أبنائهم والاتكالية على المحاضن التربوية الأخرى سببت خلل كبير في إنتاجية التربية فما تعليقك؟
الإجابة :
إن وعي الأبوين بمهمتهما في تربية أولادهما هو الأساس الأول لكل مسارات التربية وإن مهمتهما التربوية لا تقتصر على السني الأولى بل إن عليهما أن يعلما أن هذا النشء يجب أن يظل ينهل من معين التربية البيتية على يد الوالدان من توجيههما وتصويبهما للأخطاء ورعايتهما للأبناء بل الزجر الصادر منهما أحياناً حتى ولو كان هذا الولد جامعياً أو موظفاً إلا أن الأسلوب مع صغير السن يختلف عنه مع البالغين من الأولاد فتكون الحاجة إلى الاستماع إلى وجهة نظر الكبير مع إمداده بتجارب الأبوين في التعامل مع الآخرين وتصريف إدارة شؤون الحياة في المنزل والسوق والعمل وغيرهما سواء في المسكن مع أبوية أو استقل بأسرة ومنزل خاص ، وقد يجد الشباب في توجيه أبائهم لهم بعض المنافاة مع بعض المستجدات فدور الشباب حينئذ إقناعهم بالصحيح وليس هذا مسوغا لازدراء أراء الوالداين أو استهجانها ولكي يحافظ الأبوان على عطائهما التربوي لأولادهما عليهما الحذر من بعض الأمور التي قد تساهل فيها بعض الآباء كالغيبة والنميمة والكذب وقول الزور وعدم المحافظة على والوقار والاحترام المتبادل فإن التساهل في هذه الأمور يكون مسوغاً لأخذ الأولاد بها ثم بما هو أكبر منها فتذهب بحاجتها بعيداً عن المسار الصحيح ، أما أن يرى الأبوان أن دورهما قد انتهى بمجرد دخول الإبن المدرسة أو حصوله على بعض المراحل الدراسية أو بمجرد أنه أصبح يحمل بطاقة السجل المدني أو رخصة القيادة فهذه رؤية غير صحيحة ، إن الأبوان يتابعان زرعهما التربوي في رياضة الأطفال ومراحل الدراسة واختيار صحبةولهما وما يظهر عليه من تأثير بمجتمعه خارج المنزل ، وترتيب وقته ومصروفاته ومواعيد خروجه ودخوله للمنزل أما إسلامه إلى مصادر التربية الأخرى من دون رعاية فهذا غير صحيح .
السؤال الحادي عشر :
س11 ما الأساليب المعاصرة التي يمكن التوصل بها في تربية الأبناء إلى تربية صحيحة سليمة ؟
الإجابة :
إن أساليب التربية للأولاد تتعدد حسب اختلاف السن وحسب البيئات والمفاهيم الاجتماعية ، فعندما يتولى المربي تربية من قدم من البادية يجب أن يقدر لتكوينه البرئ والساذج قدرة أما أن يعامل كما يعامل الذين عاشوا في القصور وفي حياة الرفاهيه فلا ، ثم إن من العوامل المهمة في التربية النظر إلى المستجدات بسلبياتها وإيجابياتها ، فيحافظ فيمن يتولى المربي تربيته على ثوابت العقيدة والفرائض في أوقاتها وما لابد منه في الإسلام كطاعة الوالدين وإحلال الحلال وتحريم الحرام ، فإن وجد من أساليب التربية الحديثة مالا يتنافى مع ثوابت الإسلام فإن المربي يأخذ به سواء كان التعليم عن طريق الآليات ، أو عن طريق الانتقال من موضع إلى أخر كرحلات المشاهدة أو استخدام المصورات لغير ذوات الأرواح ، أو التعليم عن طريقة المشاركة مع الزملاء في مشروع موحد ، أو المشاركة في دورات لتعليم الشباب كعمل معين كتعليم الكهرباء أو السباكة أو الميكانيكا أو غير ذلك للشباب وكذلك الخياطة والتدبير المنزلي والحضانة للشابات ، ثم إن من وسائل التربية الناجحة بإذن الله اصطحاب الآباء لأبنائهم إلى مجالس العلم ومجالس الصالحين ودروس العلم والمحاضرات وزيارة الأقارب ، وكذلك اصطحاب الأمهات للبنات عند زيارة الأقارب والجيران والمرضى والجمعيات الخيرية بحيث تتسم هذه الزيارات والمحادثات بالوقار والحشمة وتحاشي ما يخدش الحياة أو يفتح ثغرات غير محمودة على التربية السليمة ، ثم إن من وسائل التربية الحديثة مطالعة الأبناء للمستجدات لتحصينهم وتوسيع ثقافتهم بصورة منضبطة في المجلات المنضبطة التي فيها تأصيل صحيح لثوابت دين الإسلام بصورة مشوقة ومقبولة ، ولا أرى أن تظل تعرض عليهم صور المأسي في الأطفال والنشء والشيوخ والديار وإنما تذكر لهم وواجبنا نحوها حتى لا تكون في نفوس النشء رعباً وفزعاًً قد يتولد عنه في نفوس الجيل ذله وخضوع للعدو واجبنا أن بني في نفوس النشء الحماس والقناعة بنصرة الإسلام والتضامن مع المسلمين والقيام لنصرة الإسلام وأهلة دون خروج على الجادة الصحيحة ، ومن وسائل التربية جلب الكتب والمطويات وقراءتها على الأولاد وعدم إهمالها متى كانت مختصرة ونافعة حيث يجدون فيها من مربيهم وجبة يومية ذات قيمة في تربيتهم وتعويدهم خلالها المناقشة والسؤال والتعليق ومن وسائل التربية اللازمة المصارحة عما سمع المتربي أو رأى ليطرحه بين يدي المربين وعليهم تناوله في البيت أو المدرسة بالتوجيه والتعليق حتى لا تبقى الأمور بعيدة عن المصارحة فينمو عن طريقها وما يصادم التربية الصحيحة ، ومن وسائل التربية اختيار الرفقة الصالحة سواء في مواقع الترفيه البرئ أو في الرحلات أو الزيارات بحيث يحدد الوقت لهذه الاجتماعات بقدر الحاجة دون إسراف إلى غير ذلك من الوسائل السمعية والبصرية المحكومة بشريعة الإسلام.
السؤال الثاني عشر:
س12 يشكو كثير من الدعاة والمربين من إشكالات تربوية لدى أبنائهم ما السبب في نظرك ؟
الاجابة
إن التوازن في حياة الإنسان ضرورة بحيث لا يطغى جانب على جانب ، ومن ذلك الدعاة والمربين ينبغي أن يكون للأولاد النصيب الأول من اهتمامهم التربوي وذلك باصطحابهم معهم في برامجهم الدعوية أو الاطمئنان على رفقتهم التي تقودهم إلى مجالس العلم ولا تهمل واجبات العبادات ولا تهدر الأوقات سدى كالسهر الطويل بلا فائدة والأسفار بلا فائدة ، عند ذلك يسلم أولادهم من الانحرافات غالباً بإذن الله ، أما أن الداعية أو المربي يكون مشغول بالعمل للإسلام مع الناس ولا يكون لأولاده نصيب من تربيتة وتوجيهه فهذا خلل تربوي ودعوي كبير ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( وأبدأ بمن تعول ) ثم إن على الداعية أن يطمئن على توعية أولاده ودخولهم وخروجهم ورفقتهم ومدارسهم وما يتلقون ومستوياتهم وكل ذلك ينبغي أن يكون بلطف وحنان وروية ، فإن بعض المربين والدعاة إذا رأى من ولده مخالفات خرج عن طوره وقسا عليه لأن هذا يتناقض مع ما يدعو إليه ويوجه الناس به فلا يتحمل أن يرى مخالفته في ولده ، بينما الواجب أن يعلم أن هذا الولد واحد من الناس يصدق عليه ما يصدق عليهم وقد يصاب في ولده كغيره ، وعليه أن يتناول معالجته بحكمة وروية،وإذا فقد ذلك وجدت ولا شك إشكالات تربوية عند أولادهم ، أما إذا خرج ذلك عن طوع المربي أو الداعيه فإن هذا يحصل والله المستعان وبعض الأولاد قد تكون فرص التوجيه والتربية محجوبة عنه أو هو محجوب عنها فإذا حصلت منه مخالفة أو تقصير صب عليه اللوم ، بينما هناك أشرطة في أمور لم يستمع إليها ومعالجات إسلامية لأمور لم يطلع عليها وبحوث لعلماء مسلمين وطلاب علم لم يطلع عليها فعلى المربي والداعية أن يوفر وسائل الثقافة الإسلامية لولده مثلما يدعو الناس إليها أو أكثر ، ثم إن حث هذا الولد على تكوين مكتبة خاضه به مقروءة ومسموعة وله بها برنامج جلوس يومي لا يتخلف عنه مع حضور دروس علمية في المساجد والصالات ، ثم إن ترتيب وقت الأولاد في استيقاظهم ونومهم ومذاكرتهم وراحتهم ، وخروجهم ورجوعهم كل ذلك ينبغي مراعاته في أوقاتهم فلا يهمل شئ من اليوميات ولا يستغرق في بعضها على حساب الباقي ويكون ذلك كله في جو من الحث والتذكير والترغيب بدون انقطاع لأن الولد في السن المبكر وسن الشباب بحاجة ما سة إلى ذلك وإلا ضاعت أوقاته ، سدى علاوة على ذلك إن توفر وأمكن اطلاعه على مواقع مهتمه بالثقافة الصحيحة في الإنترنت مع التركيز وعدم تضييع الوقت في التنقل بين المواقع بل يعلم على تناول الموضوع كاملاً ، ويعلم على حفظ الموضوعات والفهرسة وعدم خلط الأوراق والأشرطة دون ترتيب ، ويعلم على حفظ كل شيء في موضوعة للرجوع إليه عند الحاجة وهذا مما يجعل ناضجاً واعياً نافعاً لنفسه ولغيره .
السؤال الثالث عشر:
س13 ما نصيحتك للمربين في المدارس والآباء في البيوت وللدعاة والعلماء في المحاضن التربوية الدعوية حول تربية الأبناء في هذه الفترة الحرجة من فترات الأمة ؟
الإجابة :
إن المحاضن التربوية والدعوية يجب أن تتناول الأمور اللازمة للنشء باستيعاب وفهم للموقع لكي تكون حسب المستويات أولاً ، ويتوفر فيها عنصر التشويق والتجديد وتعمل على تحصين النشء ضد ما يريد به المزايدون ومروجوا المنكر والضياع ، ويكون هذا بغرس محبة الإسلام وتاريخه في نفوس المتلقين ، وغرس تعظيم الله ومحبة نبية صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح في نفوسهم وعرض ذلك في صورة قصص من السيرة وفضائل العلماء ومناقبهم في الجد والمثابرة والصبر والجهاد ، وإنجازات القادة والعظماء في فتوح الإسلام ورد العدوان ، وأخبار أهل الجود والإثار وفضلهم ، ومظاهر العدل والرحمة والمساواة في الحكم الإسلامي وعلى يد قضاته وحكامه ، وصور النجدة والمواساة التي ترفع عن الناس الفقر والفاقة والنكبات وتنقلهم إلى حياة رغد العيش والأمن والعافية وعلى من يقوم على التربية في أي مجال منزلي أو مدرسي أو غير ذلك أن يحسن اختيار ما يقدمه لمن يقوم على تربيتهم ولا يصلح أن يكون التعليم والتربية جافيين عن الاقتناع وحب المادة ولا يتأتي ذلك إلا بتوفر مهارة الإقناع وتيسير العرض والتشويق إليه ابتداء من آي القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جميع الفضائل والآداب والأعمال التي يدعو إليها الإسلام ، لأن التربية لا يصلح أن يتلقاها النشء بجفاف وثقل فإنهم سرعان ما ينفرون منها ويأخذون البدائل المهلكة الممحوقه.
وأريد ان انبه إلى أنني تعمدت في الغالب إلى التعبير بكلمة الأولاد بدل الأبناء لتشمل الذكور والإناث .
هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .